إن أي دارس للكتاب المقدس لا يمكنه تجنب معرفة تاريخ التفسيرات الكتابية، فالدارس يلاحظ الاتجاهات والتطورات في الفكر اللاهوتي عبر الزمن. وبالنسبة لنا، نسترشد يقينًا بالإسهامات التفسيرية الإيجابية التي قدمها في الماضي لاهوتيون أتقياء. لابد أن نتعلم كيف ناضل رجال الله في كثير من القضايا التي نناضل نحن فيها اليوم. علينا أن نستفيد من هؤلاء المعلمين العظام. ولكن في نفس الوقت، لا بد أن نحترس من الأخطاء التفسيرية التي ارتكبها غيرهم . أما التفسيرات الخاطئة فتقينا من ارتكاب نفس الأخطاء مرة أخرى.
Taxonomy Term
لاهوت كتابي
الافتراضات أو المسلمات المسبقة هي مجموع الأفكار والمفاهيم التي اكتسبناها بوعي أو بدون وعي عن الله، والعالم، والكتاب المقدس منذ الطفولة إلى الآن. وتضم هذه الأفكار ما هو مقبول أو غير مقبول في ثقافتنا أو مجتمعنا، بمعنى أن بعضها رديء والبعض الآخر جيد. تحكم المسلَّمات المسبقة تفسيرنا ... فعندما نقوم بشرح أي نص كتابي، نفعل ذلك في إطارها. ومخدوع أو ساذج المفسر الذي يدعي أنه يفسر الكتاب بدون افتراضات مسبقة، أو أنه يدرس نصوصه بطريقة استقرائية وبشكل موضوعي.
لله طرق كثيرة يعلن بها عن نفسه، (أع14: 16-17). وقد أعلن بالفعل عن قدرته ووجوده من خلال إعلان عام في الطبيعة والتاريخ والضمير البشري، (مز19؛ رو1-2؛ أي38-40). أيضًا، لله إعلان خاص ومباشر، يختلف عن إعلانه العام، ويتمثل هذا الإعلان في حديثه المباشر مع الأنبياء، والرسل، (2بط1: 20-21)، وفي ابنه المتجسد، (عب1: 1-2). ويُعرَف السجل الذي يشرح لنا إعلان الله الخاص باسم الكتاب المقدس. يمثل الكتاب إعلانًا مكتوبًا عن الله ومقاصده، مقدَّمًا من الله لشعبه. إن الكتاب هو الأساس لكل ما يرتبط بالإيمان المسيحي: الفداء، والعبادة، والتسبيح، والصلاة، والوعظ، والتعليم. لكن كيف نفهم هذا الإعلان الخاص؟
بالنسبة لنا كبشر، للتفكير الواضح والجيد أهمية عظمى. نعلم أن الله خلقنا على صورته، وأحد مظاهر هذه الصورة هي القدرة العقلية على التفكير. وقد منح الله الإنسان قدرة على التفكير، ليستقبل إعلاناته الإلهية؛ فالإنسان لا يملك الحق في ذاته مثل الله، ولذا عليه أن يتلقى ذلك الحق من الله. ولأن الكتاب المقدس إعلان خاص من الله لأولاده، فلكي يتجاوب الإنسان معه عليه أن يفكر، ويفهم، ويستمع إلي الله، ويفهم، ليصبح حق الله المعلن في الكتاب جزءًا من كيانه. يعني الاستماع إلي الله طاعة للحق كما يعلنه الكتاب. إن الله هو من وهبنا القدرة على أن نفكر ونعقل من أجل خلاصنا ولمجده.